لماذا أثار هاتف "ترامب" المنافس لآيفون كل هذا الجدل؟
أعلنت منظمة ترامب عن إطلاق هاتف محمول جديد أمريكي الصنع يحمل اسم الشركة بسعر 499 دولارًا أمريكيًا. يأتي هذا في إطار جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتشجيع التصنيع المحلي، كما يُقدم حلاً للمحافظين الذين لا يرغبون في الهواتف الصينية الصنع. يشمل المشروع مراكز اتصال مقرها الولايات المتحدة.
من جهتها، لم تُعلن أي شركة اتصالات أمريكية عن اتفاقية مشغل شبكة افتراضية متنقلة (MVNO)، مما يثير تساؤلات حول خطط المنظمة لتشغيل الهاتف ومراكز الاتصال، بالإضافة إلى إمكانية تصنيع الهاتف المحمول بالكامل في الولايات المتحدة.
هاتف "تي 1" (T1)
تضمن البيان الصحفي الصادر عن المؤسسة للإعلان عن المشروع إشارة إلى بعض مواصفات الهاتف دون تحديدها. وأشار البيان إلى أن مواصفات الهاتف تُضاهي مواصفات هاتف آيفون، بنظام تشغيل أندرويد، وهيكل ذهبي اللون يحمل شعار "صنع في الولايات المتحدة".
يأتي هذا الإعلان في ظل حرب تجارية تشنها الولايات المتحدة على المنتجات المستوردة، في إطار مساعيها لخفض التكاليف وتشجيع التصنيع المحلي. تخضع معظم الهواتف المحمولة، بما فيها آيفون، لرسوم ترامب الجمركية لأنها مصنوعة في الصين.
أثار السعر المقترح للهاتف فضول العديد من خبراء التكنولوجيا وسلاسل التوريد، الذين سبق أن صرحوا، وفقًا لتقرير صحيفة وول ستريت جورنال حول الإعلان، بأن تصنيع هاتف آيفون في الولايات المتحدة سيستغرق عدة سنوات ليصل إلى مستوى التصنيع في الصين، بالإضافة إلى تكلفته المرتفعة.
على الرغم من أن المتحدث باسم المؤسسة صرّح بأن هذه الهواتف تُصنّع في ألاباما وكاليفورنيا وفلوريدا، إلا أن إريك ترامب أوضح في مقابلته مع بودكاست "بيني شو" أن الدفعة الأولى من الهواتف لن تُصنّع في الولايات المتحدة.
يتناقض تصريح إريك ترامب بشكل مباشر مع البيان الصحفي للشركة، ولكنه أقرب إلى الواقع. فالولايات المتحدة لا تملك المعدات اللازمة لتصنيع هذه الهواتف محليًا، مما يعني أن الدفعة الأولى من الهواتف ستأتي على الأرجح من الصين.
مواصفات هاتف ترامب "تي 1"
على الرغم من أن البيان الرسمي للشركة لم يكشف عن المواصفات النهائية للهاتف، إلا أن بيان إريك ترامب أشار إلى بعضها، مثل شاشة AMOLED مقاس 6.8 بوصة بمعدل تحديث 120 هرتز، على غرار هواتف iPhone 16 Pro Max التي تصنعها شركات كورية مثل Samsung وLG.
أما بالنسبة لعمر البطارية، فتهدف الشركة إلى تقديم بطارية بسعة 5000 مللي أمبير/ساعة مع ذاكرة وصول عشوائي (RAM) تصل إلى 12 جيجابايت وسعة تخزين 256 جيجابايت قابلة للتوسيع عبر بطاقات microSD.
سيحتوي الهاتف الجديد على كاميرا ثلاثية العدسة الأساسية بدقة 50 ميجابكسل، وعدستين إضافيتين في الخلف، وكاميرا أمامية بدقة 16 ميجابكسل، على غرار تلك الموجودة في هواتف iPhone، وهذه المستشعرات من شركة Sony اليابانية.
من المتوقع أن يحتوي الهاتف على منفذ سماعة رأس ومستشعر بصمة تحت الشاشة، على غرار ما تقدمه Samsung في هواتفها. على الرغم من أنه من المرجح أن يتم تصنيع شرائح المعالج في الولايات المتحدة، إلا أنها غير مذكورة على الإطلاق في مواصفات الهاتف.
مكونات لا تصنع في الولايات المتحدة
صرح تينجلونج داي، أستاذ إدارة العمليات وتحليلات الأعمال في كلية كاري للأعمال بجامعة جونز هوبكنز، لصحيفة وول ستريت جورنال بأن هذه المكونات لا تُصنع في الولايات المتحدة إطلاقًا، ومن المستحيل تصنيعها حاليًا.
ويتوقع داي أن يستغرق تصنيع هذه المكونات في الولايات المتحدة خمس سنوات على الأقل لبناء البنية التحتية اللازمة لتصنيع مثل هذا الهاتف. وأكد أن محاولة نقل تصنيع الهواتف المحمولة إلى الولايات المتحدة غير مجدٍ حاليًا، ويجب أن ينصبّ التركيز على توفير البنية التحتية اللازمة لتصنيع هذه الهواتف.
رخصة تشغيل الهواتف الافتراضية
يقدم مشغلو شبكات الهاتف المحمول في الولايات المتحدة تراخيص افتراضية لتشغيل شبكات الهاتف المحمول الافتراضية (VNOs) بالاعتماد على أبراجهم الخلوية. هذا يعني أن مشغلي شبكات الهاتف المحمول يسمحون لشركات أخرى باستخدام أبراجهم الخلوية.
ومع ذلك، لم تُعلن أي شركة أو منظمة حتى الآن عن حصولها على مثل هذا الترخيص أو تعاونها مع أي مشغل لأبراج الهاتف المحمول. ووفقًا لبيان صادر عن باركليز ميديا وكابل وتيليكوم إكويتي ريسيرش، والذي تحدث إلى رويترز، فإن الرئيس الحالي لهيئة الاتصالات الفيدرالية مقرب سياسيًا من إدارة ترامب، وهو مساهم في مشروع 2025 الذي أعلنته الإدارة سابقًا.
هذا القرب يضع مشغلي شبكات الهاتف المحمول في وضع غير مواتٍ، لأنه يمنح منظمة ترامب نفوذًا في المفاوضات المتعلقة بشبكات الهاتف المحمول الافتراضية، مما يزيد من مستوى المساءلة لكل من هذه الشركات والحكومة الأمريكية.
استياء عام من الخبراء
أثار هذا الإعلان موجة من الغضب العام بين خبراء التكنولوجيا والقانونيين والاقتصاديين. يرى جيل لوريا، رئيس أبحاث التكنولوجيا في شركة دي. إيه. ديفيدسون وشركاه، أن هذا الإعلان هو الأحدث في سلسلة محاولات من جانب المنظمة لاستغلال المكانة السياسية للرئيس ترامب. يأتي هذا في أعقاب سلسلة من المنتجات التجارية الموجهة للمستهلكين، بدءًا من منصة التواصل الاجتماعي "تروث" والإعلان عن العملات الرقمية للرئيس وزوجته.
يعتقد لورانس ليسيج، أستاذ القانون بجامعة هارفارد، أن الإعلان يؤكد وجهة نظر ترامب في الرئاسة كوسيلة لتعزيز ثروة عائلته. ويتفق باولو بيسكاتور، المحلل في شركة تي. إم. تي، مع هذا الرأي، مضيفًا أن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول ممارسات المنظمة التجارية وعلاقتها بالشركات. ويتوقع بيسكاتور أن تثير هذه الخطوة غضب المساهمين في العديد من الشركات.
ويضيف برايان مولبيري، مدير المحافظ الاستثمارية في شركة زاكس لإدارة الاستثمارات، أن هذا الإعلان يستهدف شركة آبل مباشرةً في محاولة لزيادة الضغط عليها، لكنه يرى فيه خطوةً ستعزز المنافسة في سوق الهواتف المحمولة الأمريكية.
ويعتقد ديفيد فاغنر، رئيس قسم الأسهم في شركة أبتوس كابيتال أدفايزرز، أن هاتف ترامب لن يؤثر بشكل كبير على سوق الهواتف المحمولة، لأن جمهوره موالٍ سياسيًا بالدرجة الأولى لترامب وإدارته.
ردود فعل متفاوتة من الجمهور
انقسم مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي، مثل حساب "إكس"، حول الهاتف الجديد. يعتقد البعض، مثل حساب "آبل ليكر"، أن هاتف ترامب ما هو إلا إعادة تسمية لهاتف صيني بسعر 175 دولارًا.
يرى المستخدم "سولي" في الهاتف فرصة لمنافسة الهواتف المستوردة بهاتف أمريكي الصنع، مؤكدًا أن لديه فرصة حقيقية للمنافسة.
اقرأ ايضا : تقرير CIRP: الطلب على آيفون 16 يتزايد
من جانبه، قال لانس أولانوف إن احتمال تصنيع الهاتف في أمريكا مشكوك فيه وغير معقول.
ومع ذلك، يصعب الحكم على الهاتف حتى يتم إصداره فعليًا ويصل إلى أيدي الخبراء والمستخدمين على حد سواء. من المتوقع أن يتوفر الهاتف للمستخدمين في أغسطس، مع إمكانية الطلب المسبق حاليًا مقابل دفعة أولى قدرها 100 دولار.